للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "ومراتب الجرح وأسوؤها الوصف بأفعل كأكذب الناس، ثم دجال، أو وضاع، أو كذاب، وأسهلها لين، أو سيء الحفظ، أو فيه مقال" مراتب الجرح والتعديل أول من رتبها وهذبها وأدرج فيها الألفاظ المستعملة من قبل أئمة هذا الشأن الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في تقدمة كتابه (الجرح والتعديل) فأجاد وأحسن -رحمه الله-، وجعل ابن أبي حاتم المراس في القسمين أربعاً أربعاً، أربعاً في قسم التعديل، وأربعاًَ في قسم التجريح، وتبعه على ذلك ابن الصلاح والنووي وابن كثير، ثم جاء الذهبي والعراقي فزادا في كل قسم مرتبة، فصارت المراتب خمساً خمساً، ثم جاء الحافظ ابن حجر فزاد في التقريب مرتبة في كل قسم فصارت المراتب ستاً ستاً، لكنه نسخ مراتب القسمين جميعاً وأدرج مراتب الجرح بعد مراتب التعديل، فصارت المراتب اثنتي عشرة مرتبة سيأتي ذكرها قريباً -إن شاء الله تعالى-.

وقريب من صنيع الحافظ ما فعله السخاوي في فتح المغيث والسيوطي في التدريب، لكن الحافظ هنا اقتصر على ذكر أسوأ مراتب الجرح وأسهلها، وترك ما بين ذلك من المراتب فقال في النخبة وشرحها: "وأسوأها ما دل على المبالغة فيه، وأصرح ذلك التعبير بأفعل كأكذب الناس، وكذا قولهم: إليه المنتهى في الوضع، أو هو ركن الكذب أو نحو ذلك، ثم دجال، أو وضاع، أو كذاب؛ لأنها وإن كانت فيها نوع مبالغة لكنها دون التي قبلها" دجال وضاع كذاب، دون أكذب الناس، وإليه المنتهى في الوضع، وأسهلها -أي الألفاظ المستعملة في الجرح- قولهم: لين، أو سيء الحفظ، أو فيه أدنى مقال، قال في النزهة: "وبين أسوأ الجرح وأسهله مراتب لا تخفى، فقولك: متروك، أو ساقط، أو فاحش الغلط، أو منكر الحديث أشد من قولهم: ضعيف، أو ليس بالقوي، أو فيه مقال"، هذا ما صنعه الحافظ في مراتب التجريح ذكر الأشد والأسوأ والأدنى، وترك ما بينهما من المراتب؛ لأن الكتاب مختصر شديد الاختصار، ألف للحفظ فلا يستوعب فيه كل شيء كما هو معروف.

مراتب التعديل: "وأرفعها -كما قال الحافظ- الوصف بأفعل كأوثق الناس، ثم ما تأكد بصفة أو صفتين كثقة ثقة، أو ثقة حافظ، وأدناها ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح كشيخ".

<<  <  ج: ص:  >  >>