يقول:"قد يقع فيها ما يفيد العلم النظري بالقرائن"، عرفنا أن المتواتر يفيد العلم الضروري، يفيد العلم الضروري في أخبار الآحاد ما يفيد العلم النظري، فيها ما يفيد العلم النظري، بالقرائن أيضاً، فيعني أن أخبار الآحاد قد يقع فيها ما يفيد العلم النظري، وعرفنا أن العلم النظري: ما يحتاج إلى نظر واستدلال، هذا أشرنا إليه سابقاً، أهل العلم مختلفون فيما يفيده الخبر الواحد، هل يفيد العلم مطلقاً أو يفيد الظن مطلقاً أو يفيد العلم بالقرائن؟ إن احتفت به قرينة أفاد العلم وإلا أفاد الظن؟ نقول: هذه المسألة لا بد من استيعابها؛ لأنه كثر الكلام حولها، النووي -رحمه الله تعالى- عزا للمحققين والأكثرين أن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن، إيش معنى لا يفيد إلا الظن؟ يعني أن النسبة أقل من مائة بالمائة، تسعة وتسعين فما دون، لماذا؟ لأن الرواة مهما بلغوا من الحفظ والضبط والإتقان إلا أنهم ليسوا بمعصومين من الخطأ، ولوجود هذا الاحتمال نزلت النسبة من مائة بالمائة إلى تسعة وتسعين فما دون، وكل بحسبه، كل بحسبه، كل شخص تعطيه من النسبة ما يليق به، فإذا أعطيت الإمام مالك نجم السنن تسعة وتسعين أو ثمانية وتسعين بالمائة من الإصابة لا تستطيع أن تعطيه مائة بالمائة؛ لأنه ليس بمعصوم، صح إلا لا؟ نعم، إذاً تعطيه غلبة ظن تسعة وتسعين ثمانية وتسعين، حصل أوهام للإمام مالك وهو نجم السنن، وغيره وغيره حصل أخطاء، هذه تجعل الإنسان ينزل النسبة عن مائة بالمائة، فإذا نزلت النسبة مائة بالمائة انتقل ما يفيده هذا الخبر من العلم إلى الظن، وعرفنا أن الظن يطلق ويراد به اليقين والاعتقاد الجازم، ويطلق ويراد به غلبة الظن، والمراد به هنا غلبة الظن لا اليقين الجازم، ولا الوهم الذي لا يغني من الحق شيئاً، إنما يطلق ويراد به الغلبة، فأنت حينما يبلغك خبر يقول لك شخص: جاء زيد فنسبة تصديقك بهذا الخبر تتبع ثقة هذا الرجل المخبر عندك، فإن كنت ممن يثق بهذا الرجل وهو صدوق عندك ما جربت عليه كذب تقول: الخبر صحيح؛ لأن الناقل ثقة، ولا يعني هذا أنه مطابق للواقع مائة بالمائة لاحتمال أن يكون أخطأ، رأى شخص فظنه زيد وهو ليس بزيد، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ إذاً نزلت النسبة