وعلى كل حال الإمام مسلم رد على من يرى اشتراط اللقاء، وشدد عليه ووصفه بالابتداع، ووصف القول بأنه مخترع، ويقول القائل: لا يمكن أن يصف مسلم الإمام البخاري بهذا القول، حتى لو قيل: إن المراد علي بن المديني وقلنا: إن البخاري يرى هذا القول ومسلم يعرف مذهب شيخه، لا يمكن أن يصف البخاري بهذا القول الشديد، والعلماء قاطبة تتابعوا على هذا، على أن رأي البخاري لا بد من ثبوت اللقاء، إذاً كيف يشنع مسلم ويشدد على من يرى ثبوت اللقاء، ويصف القول بأنه قول مخترع مبتدع، وأنه وجد أحاديث بالعنعنة لا تروى إلا معنعنة ولم يثبت لقاء الراوي لمن روى عنه، وضرب لذلك أمثلة بأحاديث، لكن هذه الأحاديث مخرجة عند مسلم بالتصريح بالتحديث، مسلم يقرر أنها لم ترو إلا معنعنة، ولم يثبت لقاء الراوي لمن روى عنه مع أن مسلم خرج هذه الأحاديث بالتصريح هذا من جهة.
الأمر الثاني: كون الإمام مسلم يشنع على المبتدع الذي يقول بهذا القول المبتدع المخترع لا يعني أنه يرد على البخاري، نعم نقول: هذا من شدة تحري البخاري واحتياطه، من شدة تحري الإمام البخاري واحتياطه، وكون بعض المبتدعة يستفيد من قول البخاري في تأييد بدعته لا يعني أننا نرد على الإمام البخاري الذي تحرى واحتاط للسنة.