للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصل سلفه من أشبيلية، من أعيانها، ثم انتقلوا إلى رندة؛ وأوّل من انتقل منهم إليها جده محمّد بن فتوح، في دولة بني عباد، ويحيى جد والده هو المعروف بالحكيم لطبه، وكانوا قديما يعرفون ببني فتوح.

قدم ذو الوزارتين أبو عبد الله على حضرة غرناطة أيام السلطان أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن نصر، إثر قفوله من الحج، فألحقه بكتابه، وأقام يكتب له في ديوان الإنشاء، إلى أنَّ توفي هذا السلطان في ثامن شعبان سنة إحدى وسبع مائة، وتقلد الملك بعده ولي عهده أمير المسلمين، أبو عبد الله محمّد المخلوع، فقلده الوزارة والكتابة، وكان مشتركاً معه في الوزارة الوزير الجليل التقي، أبا سلطان عبد العزيز سلطان الداني، فلما توفي أبو سلطان الداني، أفرده سلطانه بالوزارة، ولقبه بذي الوزارتين، وصار صاحب أمره ونهيه، إلى أنَّ توفي بحضرة غرناطة قتيلا، غدوة يوم الفطر، مستهل شوال سنة ثمان وسبع مئة، وذلك لتاريخ خلع سلطانه، وخلافة أخيه أمير المسلمين أبي الجيوش مكانه؛ ومولده ببلده رندة في شهر ربيع الأول سنة ستين وست مائة. وكان رحمه الله علماً في الفضيلة والسراوة ومكارم الأخلاق؛ كريم النفس، واسع الإيثار، متين الحرمة، عالي الهمة، كاتبا بليغا شاعراً، حسن الخط، يكتب خطوطا على أنواع، كليما جليل الانطباع، خطيبا فصيح القلم، زاكي الشيم، مؤثر لأهل العلم والأدب، برا بأهل الفضل والحسب، نفقت في مدته للفضائل أسواق، وأشرقت بإمداده للأفاضل آفاق. وراحل إلى المشرق، وكانت إجازته البحر من المرية، فتقضى فريضة الحج،

<<  <  ج: ص:  >  >>