ملكة التأليف، وإنما الغالب على طباعهم تغفل البداوة، فقدح ذلك في صناعة التصنيف، وكيفية التأليف، والقوم أهل دين متين كما وصفنا، فلا يقدح ذلك في مراتبهم، ولا يثلم مناصبهم.
ووجه ثان: ذكر أهل الاصول في باب الاجتهاد أنَّ مجهول الحال لا تقبل فتياه كالراوي، وإن أضاب كل واحد، ولا يخفى عليك وقوع مثل هذا لأصحاب تلك التقاييد.
ووجه ثالث: مبنى ما أفتى به العلماء من عدم التعويل على شيء منها في الإقراء والفتايا، هو الله اعلم، لمّا اشتملت عليه من ذكر الشيء وضده، على أسلوب واحد، وقد وقفت على ذلك في جل تلك التقاييد، وهو أن المقيد يجمع للخلاف المذهبي ما ليس فيه، بل هو خارج المذهب، وقد وقع ذلك في موضع غير واحد من تلك القاييد، كما نقل بعضهم الخلاف في التنقل في الصحراء قبل صلاة العيد وليس كذلك، بل الخلافة قيما إذا صليت في المسجد، وأما في الصحراء فلم يقل به إلاّ الشافعي. ومثل ذلك ما وقفت عليه في حكم السواك، قال المقيدع كلام الشيخ في باب جمل من الفرائض: واختلف في حكم السواك على قولين: فقيل إنه واجب، وقيل سنة، فأنت ترى هذا لخلاف، ولم يل بوجوبه إلاّ أهل الظاهر، وعملا بصيغة ظاهر الحديث الوارد في ذلك. وكذلك وقفت على الخلاف في غسل الجمعة، فقال المقيد: اختلف فيه: فقيل فرض، وقيل سنة. وقد علمت أيضاً قول أهل الظاهر بوجوبه، عملا بظاهر الحديث. وكذا الغسل: هل هو للجمعة أو لليوم؟ فقال المقيد: اختلف في ذلك على قولين: وقد علمت قول اهخل الظاهر، وأنه لليوم، حتى لو اغتسل بعد الصلاة لأجزأه.