وكذا وقفت على القول ببطلان صلاته، على القول بفريضته، ولم يقل بذلك أهل التصوف. وكذا القول بموجب المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل، وقد علمت نصوص أهل المذهب في هذه المسائل. ومن في تلك التقاليد ما لا يحصى كثرة لمن تأملها؛ وفيما ذكرنا كفاية، فلعل هذا هو سبب نقد العلماء في مجموع تلك التقاليد. والله اعلم.
تنبيه: أحذر أيّها الناظر، شرح الله صدري وصدرك، أنَّ يقع في نفسك أنَّ عجز هؤلاء السادات عن صناعة التأليف، والحذق في التصنيف، وعدم الاقتدار، على الترجيح والاختيار، وعدم القيام بمواد مدارك المحققين والنظار، يوجب قدحا في مناصبهم، أو وصما في مراتبهم، فتكون ممن أساء الظن بالسالف، وعرض نفسه إلى الهوى في مهاوي التلف، بل أوجب ذلك ما أصلناه وقدمناه، من أنَّ القوم كانوا أهل عمل ودين متين، وجرى على سنن السلف الأقدمين الصالحين العاملين، فشغلهم ما أخذوا فيه من مدينة العمل، وإثقال التقلل والمجاهدة، وتحري الحلال، والزهد والإقلال، عن تتبع مواد التحقيق، إلى فقد الملكة النظرية من هذا القطر، وانقراضها منه منذ زمان إلى عصرنا هذا: وما حكوه من عدم الترتيب، وقلة العزو للأقوال، حال من صرف عنايته لتقييد العلم من حيث هو، ولم يتكلف ذكر مشهور، ولا ما عليه الجمهور، أو يكون اعتمد في تقييد ما قيد على ما سمع من الشيخ في السلكات، فيعذر على هذا ولا يفند. والتقييد المعزو للشيخ أبي الحسن اقل تكلفا لا محالة، إلاّ أنّه لا يخفى ما فيه من ضعف الاختيار، عند التحقيق والاستبصار.