للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذكرته في هذا الاستطراد مست الحاجة إليه، كما مست حاجة أئمة الحديث، على جلالتهم وورعهم، إلى تبيين الضعيف والمجرح، وتدوين أخبار الضعفاء، ومن نسب إليهم وهم أو تدليس أو وهن، وهذا لولا مسيس الحاجة، لم ينبغ أنَّ يلتفت إليه، والله الموفق بفضله.

ثم قال هذا العالم في موضع آخر: تنبيه: ولا يعترض على ما وقع للشيخ، من الحكاية التي حدثنا بها شيخنا الإمام البرزلي رحمه الله، قال: لمّا قدم الفقيه القباب، حافظ مدينة فاس، وزعيم فقهائها في عصره، يريد أداء فريضة الحج، فاجتاز بحضرة تونس، فحضرة مجلس شيخنا ابن عرفة، هو ومن كان معه من الفقهاء، فاستطرد الشيخ رحمه الله الكلام إلى إنَّ قال: وكثيرا ما نجد في تقييد الشيخ أبي الحسن: " يؤخذ من هذه المسألة "، فلا أدري صورة ذلك الأخذ ما هو؟ هل هو من طريق الاستقراء، أو الاستنباط، أو القياس، أو المفهوم؛ وكل قسم من هذه الأقسام يفتقر إلى شرط، ولا شيء من ذلك؟ فقال القباب لأصحابه بعد انصرافهم: علمتم ما تحصل بأيدينا من الفقه، وصح عندكم أنَّ الملكة التامة في التحصيل والتصرف، إنّما هذا في قوى أهل تونس ومن يليهم من أهل المشرق، وإنَّ قصارى ما عندنا وعند مشايخنا إنّما هو حفظ المنصوص، وإبقاؤها على ما هي عليه، وأنَّ ملكة القروبين انتقلت إلى الأفريقيين.

فهذا الواقع من الشيخ، ليس هو بالمعارض لمّا وقع في جوابه، من اعتبار المفهوم، إنّما هو بحث في شرط المفهوم، وكيفية الاستنباط خاصة، فأعلم ذلك.

تنبيه: لا يقع في ذهنك قصور الشيخ في قوله: " يؤخذ من هذه المسألة "، وأنّه خفي عليه كيفية الأخذ. فاعلم، أرشدك الله، أنَّ الشيخ أبا الحسن، كان إمام

<<  <  ج: ص:  >  >>