بالعين فيجب أنْ يكون في مقابلة العين. فالتفت الملك إلى القاضي أبي بكر وقال له: تكلم أيّها الشيخ في المسألة.
فقال القاضي: لو كان الشيء يرى بالعين لوجب أنْ يكون في مقابلة العين على ما قال ولكن لا يرى الشيء بالعين. فتعجب الملك من ذلك والتفت إلى قاضي القضاة فقال: إذا لم يرى الشيء بالعين فبأي شيء يرى؟ فقال: يسأله الملك. فقال: أيّها الشيخ فبأي شيء يرى إذا لم يرى بالعين؟ فقال أبو بكر يرى بالإدراك الذي في العين. ولو كل شيء يرى بالعين لكان يجب أنْ نرى كل عين قائمة وقد علمنا أنَّ الأجهر عينه قائمة ولا يرى شيئاً.
فزاد الملك تعجبا وقال للنصيبي: تكلم. فقال النصيبي: إني لم أعلم أنَّه يقول هذا ولا بنيت إلاّ على ما نعرف وظننت أنَّه يسلم أنْ الشيء يرى بالعين. فغضب الملك وقال: ما أنت مثل الرجل لأنك بنيت المسألة على الظن. ثم التفت إليَّ وقال: تكلم. فقلت: العين لا ترى وإنما ترى الأشياء بالإدراك الذي يحدثه الله تعالى فيها وهو البصر إلاّ ترى أنَّ المحتضر يرى الملائكة ونحن لا نراهم؟ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى جبريل عليه السلام ولا يراه من يحضره؟ والملائكة يرى بعضهم بعضا ولا نراهم نحن؟ والدليل على جواز رؤية الباري تعالى أنَّه ليس فيها قلب للحقائق ولا إفساد للأدلة ولا إلحاق صفة نقص بالقدير تعالى فوجب أنْ يكون كسائر الموجودات لأنّه تعالى موجود والشيء إنّما يرى لأنّه موجود لأنَّ المرئي لم يكن مرئيا لأنّه جنس لانا نرى سائر الأجناس المختلفة ولا لقيام معنى بالمرئى لانا نرى الأعراض التي لا تحتمل المعاني وقد ثبت بالنص