إذا غرست كفاك غرس مكارم ... بأرضي أجنتك الثنا منه أغصان
وكان عند وصوله إلى ابن رزين قد رفعه أرفع محل وأنزله منزلة أهل العقد والحل؛ وأطلعه في سمائه، وأقطعه ما شاء من نعمائه، وأورده أصفى مناهل مائه، وأخضره مع خواص ندمائه؛ وكانت دولته موقف البيان، ومقذف الأعيان؛ ومحصب جمار الآمال، وأعذب موارد الاجمال؛ لولا سطوته الباطشه، ونكباته البارية لسهام الرزء الرائشة؛ فقلما سلم منها مفاد الأموال، ولا أحمد عقباه معه صاحب ولا وال؛ فأحمد هو أوّل أمره معه، واستحسن مذهبه في جانبه ومنزعه؛ ولم يدر أنَّ بعد ذلك الشهد شرب علقم، وأنَّ السم تحت لسان ذلك الأرقم؛ فقال رحمه الله يمدحه:
عسى عطفة ممن جفاني يعيدها ... فتقضي لباناتي ويدنو بعيدها
فقد تعتب الأيام بعد عتابها ... ويمحى بوصل الغانيات صدودها