لئن حجبت بالبعد عنهم فهذه ... مكارمهم لم يبق ستراً ولا سجفا
وإنْ كان ذاك الخيف موعد وصلهم ... فها نفحة الإفضال قربت الخيفا
واغنت بفضل عن مشقة شقةٍ ... نكابد مسراها شتاء يلي صيفا
فحركت الأشواق منا لروضةٍ ... أباح لنا الإسعاد من زهرها قطفا
تولى كمثل الطيف إذ زار في الكرى ... وإلاّ كمثل البرق إذ سارع الخطفا
تقضي وما قضى بلبنى لبانةً ... لقيس الهوى والحب منا وما استوفى
فزلنا وما زلنا نعلل باللقا ... نفوساً وما تجدي لعل ولا سوفا
كأنا وما كنا نجوب منازلاً ... يود بها المشتاق لو راهق الحتفا
ولم تبصر الأبصار منها محاسناً ... ولم تسمع الآذان من ذكرها هتفا
كذاك الليالي لم تحل عن طباعها ... متى واصلت يوماً تصل قطعها ألفا
فلا عسش لي أرجوه من بعد بعدهم ... وهيهات يرجى العيش من فارق الإلفا
ويا حبذا قتل إذ العيش لم تزل ... سيوف الهوى تفري به القلب والجوفا
ومن لي بقتل في سبيل الهوى التي ... وعنا عليها بالجنان ومن أوفى
أيا من نأت عنه ديار أحبةٍ ... فمن بعدهم مثلي على الهلك قد أشفى
لئن فاتنا وصل بخيف مناهم ... فها نفحة من عرفهم للحشا أشفى
وهاتيك أزهار الرياض تنفست ... بأنفاسهم فاستشفين بها تشفى
وقل للألي هاموا اشتياقاً لبانهم ... هلموا لعرق ألبان نستنشق العرفا
فصفخة هذا الطرس أبدت نعالهم ... وصارت لها ظرفا فيا حسنه ظرفا
تعالوا تغالوا في مديح علائها ... فرب غلوٍلم يعب ربه عرفا
ولله قوم في هواها تنافسوا ... وقد غرفوا من بحر أمدادها غرفا