للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دلالته على أنها مخدومة يدل على كثرة النوم الذي لا يكون إلا من غلبة الدم الطبيعي في سن النمو، وطبيعة الدم حارة رطبة، وهي طبع الحياة ومادتها. فيكون اللون به مشرقاً، والماء في الوجه كثيراً، والأخلاق حسنة، لأجل اعتدال المزاج، ولو ترك لفظ الإرداف وعبر عما قصده باللفظ الخاص وهو قوله: إنها مخدومة لم تحصل هذه المعاني التي حصلت من لفظ الإرداف، وكذلك لو قال: إنها من أهل الثروة لم يوف بما أراد من كونها معشقة للمثرين من الرجال، مع القدرة بالثروة على الاستكثار من النساء، وأنها ممن يسمح لها بذلك، فوجب العدول عن لفظ المعنى إلى لفظ الإرداف، لدلالته مع اختصاره على المعاني التي لا يدل عليها لفظ الحقيقة، ولما يتضمن من زيادة الوصف، وقد انتحل ابن رشيق أحد أسمى هذا الباب وهو التتبيع وأفرده بابا من الإرداف، وزعم أن غيره واستشهد عليه بشواهد فيها ما لا يمس به ألبتة، وبقيتها لا يعقل الفرق بينه وبين شواهد الإرداف، وهو يظن أنه قد فرق بينهما منها قول المتنبي طويل:

إلى كم ترد الرسل عما أتوا له ... كأنهم فيما وهبت ملام

وقال: أعني ابن رشيق دل هذا البيت على الشجاعة بلفظ الإرداف، ودل على الكرم بلفظ التتبيع يعني أن الإرداف اشتقاقه من الردف فلفظه

<<  <   >  >>