بيانه، واستصلب المقط، وحرف القط، فإن لم تسمع لقطتك طنيناً غير خفي، وتنظر لها حرفاً كذباب المشرفي وإلا أعد القطة، فالقلم حف، وقرب بين الحروف، وباعد بين الصفوف، وتصفح ما كتبته وكرر النظر فيما حبرته، ليظهر لك رأيك قبل أن يخرج عنك كتابك، فالحظ هداك الله ما اختص الله سبحانه هؤلاء القوم من الخصائص التي أطلعهم على علوم ليست علومهم والى ما لم يهتد إليه أرباب تلك العلوم، ولم يدركها فهم حاذق من أرباب الفهوم، حتى صارت كلمات أحدهم قدوة يقتدى بها أرباب المعارف من الكتاب، وعلماً يهتدى به من ضل ومن أولى الألباب.
وكنت قد جمعت فصولاً يحتاج إليها العامل في البلاغتين، والواضع في الصناعتين، من عدة كتب من كتب البلاغة، وحذفت منها ما لا يحتاج إليه، ونقحتها، وحررتها، وها أنا ذا أسوقها خاتمة لهذا الباب، والله الموفق للصواب، وهي: ينبغي لك أيها الراغب في العمل، السائل فيه عن أوضح السبل، أن تحصل المعنى عند الشروع في تحبير الشعر وتحرير النثر قبل اللفظ، والقوافي قبل الأبيات، ولا تكره الخاطر على وزن مخصوص، وروى مقصود، وتوخ الكلام الجزل، دون الرذل، والسهل، دون الصعب، والعذب