للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا أضعفتها فأضعفها لتتوازن قوى الكلام، وتتناسب في الأفهام، واقصد القوافي السهلة المستحسنة، دون المستصعبة المستهجنة، والأوزان المستعملة الحلوة، دون المهجورة الكزة، فإن الشعر كالجواد، والقوافي حوافره، والألفاظ صورته، والمعاني سرعته، والأوزان جملته، واجعل كلامك كله كالتوقيعات، وعليك بالمقطعات فإنها في القلوب أحلى وأكمل، وفي المجالس أرشق وأجول، وبالأسماع أعلق، وبالأفواه أعبق، فإذا نثرت منظوماً فغير قوافي شعره إلى قوافي سجعه، وإذا أخذت معنى بيت من بيت فتجنب الألفاظ جملتها ما استطعت، أو معظمها، وغيرا لوزن والقافية، وزد في معناه، وانقص من لفظه، واحترس مما طعن عليه به، لتكون أملك له من قائله وإن كان التفضيل قد يقع بغير ما ذكرت، ومما يقدم به المتكلم على غيره حسن الأدب مع الممدوح، كقول ابن نباتة السعدي في سيف الدولة بن حمدان عفا الله عنه بسيط

لم يبق جودك لي شيئاً أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل

فإنه أحسن الأدب مع ممدوحه، بخلاف المتنبي، فإن المتنبي قال في هذا المعنى بسيط

تمسي الأماني صرعى دون مبلغه ... فما يقول لشيء ليت ذلك لي

فإن المتنبي جعل ممدوحه ممن يصح منه التمني لو كانت بقيت له أمنيته. وابن نباتة جعل مادح ممدوحه لم تبق له أمنيته، ورفعه عن أن يكون

<<  <   >  >>