فقال يقدمه إذ قام يقتله ... أشرف سموءل فانظر للدم الجاري
أأقتل ابنك صبراً أو تجئ بها ... طوعاً فأنكر هذا أي إنكار
فشد أوداجه والصدر في مضض ... عليه منطويا كاللذع بالنار
واختار أدراعه ألا يسب بها ... ولم يكن عهده فيها بختار
وقال: لا نشتري عاراً بمكرمة ... واختار مكرمة الدنيا على العار
والصبر منه قديماً شيمة خلق ... فزنده في الوفاء الثاقب الواري
فانظر كيف أغنى الأعشى عن تحفظ القصة بطولها من يريد حفظها بهذه الأبيات التي استوعبها فيها مع ما انطوت عليه ألفاظها التي خرجت كلها مخرج الحقيقة من المدح للسموءل بالوفاء، ولابنه بالصبر على البلاء، والتحريض للممدوح على التخلق بمثل هذا الخلق، ليبقى له مثل هذا الذكر، والاحتراس في البيت الذي يقول فيه:
أأقتل ابنك صبراً أو تجئ بها
فإنه لما أضمر فيه ذكر الأدراع، فطن إلى أن البيت مفتقر إلى شرح إن لم يؤت به يتوقف السامع في فهمه، فاحترس عن ذلك بقوله:
واختار أدراعه ألا يسب بها
ليوضح أن الضمير في البيت الذي قبله يعود على الأدراع، فتلافى في ذلك الخلل، واستغنى عن الشرح المطول.