تارة، وبلفظ هو مثل لفظه، أو به، وبلفظ مستعار من لفظه حيناً والحقيقة أصل، والمجاز فرع، والإيجاز أصل نفي الاسم الأصلي على الكلام الذي دل لفظه على معناه بظاهره، وسمى ما دل على معناه بالتأويل بأسماء مجازية، إذ كانت مسمياتها مجازية.
ومن أمثلة الإيجاز قول النابغة الذبياني في اقتصاصه قصة الزرقاء. للنعمان بسيط
فاحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام شراع واردي الثمد
يحفه جانبا نيقٍ وتتبعه ... مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا ونصفه فقد
فحسبوه فألفوه كما حسبت ... تسعا وتسعين لم ينقص ولم يزد
وكملت مائة منها حمامتها ... وأسرعت حسبة في ذلك العدد
فإن النابغة سرد هذه القصة بألفاظ الحقيقة عرية عن الحشو الخشن والمعيب، ولم يغادر منها شيئاً، ويروى البيت الأول سراع بسين مهملة، وهو أبلغ في وصف نظر الزرقاء، ويدل على صحة هذه الرواية أن قوله: واردى الثمد يغني عن قوله: شراع بشين معجمة فلم يبق الإسراع بسين مهملة لما يدل عليه من المبالغة في حدة نظر الزرقاء بدليل قوله بعد هذا البيت: وأسرعت حسبة.