موعظة وذكر ألطف تذكير بألفاظ اتفق فيها ضروب من المحاسن مع كونها ألفاظ الحقيقة، وهي صحة الأقسام، لأنها استوعبت جميع أقسام أجناس المعروف والمنكر، والطباقين اللفظي والمعنوي وحسن النسق والتسهيم، وحسن البيان، والإيجاز، وائتلاف لفظ الكلام مع معناه، والمساواة، وصحة المقابلة، وتمكين الفاصلة، فأما استيعاب الأقسام فلأنه سبحانه أمر بالعدل، وهو معاملة المكلف نفسه وغيره بالإنصاف، ثم أمر بعد العدل بالإحسان، وهو اسم عام يدخل تحته التفضل بعد العدل، وقدم ذكر العدل لأن العدل واجب، وتلاه بالإحسان لأن الإحسان مندوب، ليقع وضع الكلام على أحسن ترتيب، وخص ذا القربى بالذكر بعد دخوله في عموم من أمره بمعاملته بالعدل والإحسان لبيان فضل ذي القربى وفضل الثواب عليه، ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي بصيغة تعريف الجنس ليستغرق كل ما يجب أن ينهى عنه، كما استغرق كل ما يجب أن يؤمر به، والمطابقة اللفظية في قوله تعالى:" يأمر "" وينهي "، والمعنوية في قوله سبحانه " بالعدل والإحسان " وإيتاء ذي القربى وقوله " الفحشاء والمنكر والبغي " فإن الثلاثة الأخر أضداد الثلاثة الأول، لأن الأول من الفعل الحسن، والآخر من الفعل القبيح، فطابق بين الحسن والقبح مطابقة معنوية.
وحسن التنسيق في ترتيب عطف بعض الجمل على بعض كما ينبغي، حيث قدم العدل وعطف عليه الإحسان الذي هو جنس عام، وخص منه نوعاً خاصاً، وهو إيتاء ذي القربى، وعطفه عليه، ثم أتى بالأمر مقدماً، وعطف عليه النهي ثانياً، ثن رتب جمل المنهيات كما رتب