فقال: يا هذه إن هذا الرجل فتح مدينة وحده، وما سمعت بأسد فتح مدينة قط. وهذا حسان يقول بسيط
وإنما الشعر لب المرء يعرضه ... على المجالس إن كيساً وإن حمقاً
وإن أشعر بيت أنت قائله ... بيت يقال إذا أنشدته: صدقاً
على أن هؤلاء الفحول وإن رجحوا هذا المذهب لا يكرهون ضده، ولا يجحدون فضله، وقلما تخلو بعض أشعارهم منه، إلا أن توخى الصدق كان الغالب عليهم، وكانوا يكثرون منه، ومن أكثر من شيء عرف به، كما أن النابغة ومن شايعه على مذهبه لا يكره ضد المبالغة، وإلا فكل احتجاجاته على النعمان في الاعتذار جار مجرى الحقيقة، كقوله طويل:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب
فعائب الكلام الحسن بترك المبالغة فقط مخطئ، وعائب المبالغة على الإطلاق غير مصيب، وخير الأمور أوساطها، وكيف تعاب المبالغة وقد وجدت في الكتاب العزيز على ضروب: منها المبالغة في الصفة المعدولة من الجارية لمعنى المبالغة فإنها جاءت على ستة أمثلة: فعلان كرحمان، عدل عن راحم للمبالغة ولا يوصف به إلا الله تعالى، لأن رحمته وسعت كل شيء، وفعال معدول عن فاعل للمبالغة كقوله تعالى:" لغفار لمن تاب "" تواب رحيم "" علام الغيوب "" فعال لما يريد " وفعول عدل