القتل لما وفى شكره ببره ولو كان أشكر الناس، واستنفد في شكره بقية عمره، لا سيما لو قدر أن ذلك الممتن ببقاء النفس أضاف إلى ذلك توابع إحسان، وعوارف امتنان، على ممر الزمان، فإن الشكر لا يقوم ببر ذلك الإنسان، ولو تجاوز فيه الشكور حد الإمكان، فقد وضح أن من البر ما لا يؤدي شكره، ومن هذا قول أبي نواس:
لا تسدين إلى عارفة ... حتى أقوم بشكر ما سلفا
وهذا سيد المرسلين الذي بعث بجوامع الكلم، وهو أفصح من نطق بالضاد بقول لعظمة نعم ربه عليه:" لا أحصى ثناء عليك ". ومعلوم أن نعم الله سبحانه لا يقوم شكر جميع العباد بمعشارها، ولا كذلك نعم بعضهم على بعض لكن يشبه شكر أحدنا نعمة صاحبه إلى شكر الرسول صلى الله عليه وسلم نعمة ربه كنسبة نعم بعضنا على بعض إلى نسبة نعم الله تعالى سبحانه على نبيه أو على عبد من عبيده، وإن كانت نعم الله تعالى على نبيه أعظم من نعمه على سائر خلقه، بدليل قوله تعالى:" وكان فضل الله عليك عظيماً " لأن بين بلاغة أحدنا وبين بلاغة الرسول كما بين نعمة أحدنا ونعمة الله سبحانه، وإذا وقع للقضية مثال واحد في الوجود علم إمكان وقوعها، وخرجت بذلك من حد الاستحالة والامتناع إلى حد الجواز والإمكان.