وفي يوم الأحد عشرينه نودي بدمشق بالحجوبية الكبرى لتنم، الذي كان أرسل نائباً للكرك في أيام السلطان المتوفى، ثم رجع إلى دمشق واستنابه جان بلاط دوادار السلطان بدمشق فيها، بعد أن كان عزل عنها وخرج أميراً للحاج؛ وهو رجل فاجر عدو نائب حماة، وهما من حزب الدوادار، فعجب الناس من ذلك، فإنه قد اشتهر في دمشق وغيرها، أن كل من كان من حزب الدوادار ممقوت عند جماعة السلطان.
وفي يوم الأربعاء ثالث عشريه اشتهر بدمشق أن كاشف الرملة أتى إلى دمشق بغتة، وأخبر أن الدوادار نادى يوم الاثنين الحادي والعشرين بالرحيل من غزة، وأن العشران لم يقفوا في وجهه لعدم المرسوم السلطاني.
وفيه ركب الحواط، والأمير الكبير، وتنم الذي نودي له بالحجوبية، والخاصكي الذي كان رفع إلى القلعة في يوم الجمعة المار، وذهبوا إلى أهل ميدان الحصى ليحضوا عرض الزعر والخيالة بها، فعرضوا عليهم مجاراتهم تخويفاً للدوادار المتقدم، فإن الحواط قد خاف من عاقبته، ولأجل هذا ذهب إلى عندهم استجلاباً لهم، وكان القياس أن يمكث في الأصطبل السلطاني أو غيره ويأتون إليه، ثم منح مشائخهم خلعاً.
وفي يوم الخميس رابع عشرينه دخل إلى دمشق نائب حماة ونائب حمص، المطلوبان ليقفا في وجه الدوادار.
وفيه ضرب أخو أحمد بن شدود امرأة بسكين عدة ضربات، وقتل الزعر شخصاً في سطح مسجد القصب.
وفي يوم الأحد سابع عشرينه تواترت الأخبار بأن نائب حلب أينال الفقيه، استقر في نيابة الشام، وأنه يستمر بحلب حتى يأتي متسلمها.
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشريه دخلت كتب الحاج؛ ووقع بدمشق مطر وهو أول مطر وقع بها، وذلك بعد مضي عيد الزبيب باثني عشر يوماً.
وفي بكرة يوم الخميس مستهل صفر، أو ثانية منها، دخل دمشق متسلم النائب الجديد أينال، وفرح به الناس لكثرة فساد الزعر وبغيهم، وقلة حرمة الحواط وغيره. وفي يوم الجمعة ثانيه أو ثالثه دخل غالب الوفد. وفي ثانيه دخل المحمل إلى دمشق.
وفي عشية هذا اليوم تواترت الأخبار بأن الدوادار المطرود من مصر، ومعه جماعة من الأمراء، كجانم نائب قلعتها، وكالظريف واليها، وكتنبك قرا أحد المقدمين بها، وكآقباي نائب غزة كان، وصلوا إلى بلاد الغور، وصحبتهم كريم الدين بن عجلان، ومحمود الأذرعي، ثم إلى أربد في نحو ثلثمائة، خيال ملبسين، وقلعة دمشق حينئذٍ محصنة بالرجال وآلة الحرب، فماج الناس بعضهم في بعض، ولم ينمم غالب أهل دمشق من الليل إلا قليلاً، لشدة رفع أصواتهم على جوانب القلعة،