الثلاثاء تاسع عشره ركب العصاة واستمروا في القتال عند مسجد الذبان مع الطائعين، وحرقوا جانباً من قرب قصر حجاج، قرب باب الجابية، ليدخلوا بغتة إلى أذى الطائعين، فعجزوا ورجعوا، ونادوا بأن يستمر الجيش والمشاة إلى ثاني يوم، ورجوا أن يدخلوا المدينة، فأتاهم مطر شديد، واستمر إلى ليلة الخميس حادي عشريه، فلم ينالوا خيراً، وقتل جماعة وجرح آخرون، ونهب المشاة في الحريق أموال الناس.
فإن في ليلة الأربعاء عشرينه حرق العصاة أيضاً الترب والبيوت التي شرقي الطريق، غربي المقبرة، شرقي الجامع الصابوني، وبيوتاً كثيرة أيضاً غربيه.
وفيها أخذ مشاعلية العصاة أبواب حوانيت السويقة المحروقة، وجعلوا جملونه كناً لهم من المطر، وقام الدوادار قبليها، والنائب أينال الفقيه شرقيها، وجعلوا تلك الأبواب حطباً للمشاعل ولدفايهم، واستمروا إلى أن طلع الفجر، فهموا بالقتال أيضاً في يوم الأربعاء المذكورة ليأخذوا المدينة كما رجوا، فقوي المطر عليهم فكبتوا خامر منهم جماعة إلى الطائعين: دوادار نائب حماة كان، واستادار الغوركان، ودخلا إلى القلعة؛ واستمر شاليش الفريقين بالبندقيات والكفيات ليلاً ونهاراً عند الجامع الصابوني.
سمع الطائعون أن النائب المعزول يريد أن يسكن في بيت فارس بالسويقة المحروقة، ولم يعلم نائب القلعة أنه تحت نظره، فأمر بإحراقه، فحرق الحوش والداير والاصطبل، وكان فيه للأمير علي باك، خازندار النائب اليحياوي المتوفى، تبن وشعير كثير، فنهبه العصاة.
وفي يوم السبت ثالث عشريه سدت الخوخات التي بقيت إلى باب الجابية، ولم يتركوا خوخة نافذة.
وفي صبحة يوم الأحد رابع عشرينه ركب العصاة، وذهب الدوادار بجماعته إلى الباب الشرقي من أبواب المدينة، ومعهم السلالم، وحاصروه، وأتى النائب بجماعته إلى محلة مسجد الذبان، واستمروا في القتال والمكاحل ترمى إلى المغرب، وجاع العسكر في اليوم المذكور أشد جوع، وشرع بعضهم ينهب البيوت، وقتل جماعة وجرح آخرون، سيما من جماعة الدوادار، عند الباب الشرقي، من جماعة نائب صفد الموكل به، وكان يوماً مهولاً لم ير مثله.
وفي هذه الأيام سمعنا أن الأمير الكبير بمصر أزبك الظاهري المنفي إلى مكة، طلب