وفي عقب الجمعة تاسع عشريه، وهو ثاني عشر أيار، حضر القاضي الشافعي بولده ولي الدين محمد، وبدر الدين الحنفي ابن أخيه بولديه، والقاضي الحنبلي بأولاده الثلاثة، وأطفال كثيرة، منهم ولدا شيخنا محيي الدين النعيمي، ومحيي الدين يحيى، ومحب الدين عبد الله، وخلق كثير، بدار الحديث الأشرفية الدمشقية، للإسماع على عدة مشائخ، منهم العلامة أبو الفضل ابن الإمام، والعلامة أبو الفتح المقرئ، والمحدث جمال الدين بن عبد الهادي، وأصعد ولي الدين المذكور وقرأ الحديث المسلسل بالأولية، وأول ثلاثي في البخاري، ثم خمسة أحاديث من تتم الكتب الستة، من كل منها حديث، ثم أنزل، وأحضر عدة كتب نحو السبعين.
وكنت عينت لقراءة أبعاض منها، ففي المجلس اعتراني حمى مثلثة، وكان له نحو السنتين تأتي إلي، وكان يوم الجمعة هذا نوبتها، فأصعد عوضي الشيخ جمال الدين العسكري الحنبلي، فمسك عليه القاضي نجم الدين بن الخيضري بعض لحن فأنزل؛ ثم أمرني القاضي الشافعي بالصعود على الكرسي وأقرأ ما قصد من الكتب، وقال لي: لعل ببركة الحديث تذهب عنك هذه الحمى، فكان الأمر كما قال: فامتثلت ما أمرني به، ثم أنزلت، وصعد الشيخ شمس الدين الخطيب المصري الحنفي فدعا، ثم أنشد الريس ابن النحاس قصيدة، مدحاً في القاضي الشافعي وأهل الحديث، وكتب مسودة المجلس الشيخ شمس الدين الخطيب المذكور وبعض الشهود.
وفي ليلة السبت سلخه حضر الشيخ تقي الدين بن قاضي عجلون، من بيروت إلى دمشق، والناس في قلاقل من جهة رؤية الهلال، وشاع بدمشق أن بعض الغوغاء رآه ليلة السبت هذه، وأقبل جماعات، مع قوم المؤقتين لأنه لا يمكن رؤيته ليلتئذ؛ ثم رئي ليلة الأحد على عادة ابن ليلة، فصلى الناس العيد يوم الأحد بدمشق ومصر وغالب البلاد؛ وصلى النائب العيد بمقصورة الجامع الأموي، وخطب القاضي الشافعي المشهور بالخليفتي خطبة جامعة وجيزة، ولما فرغ من صلاتها خلع عليه النائب بالمقصورة خلعة خضراء بسمور، وخرج معه إلى باب البريد، ثم رجع إلى بيت الخطابة.
وحينئذ أخبر بأن بهاء الدين بن قدامة الدمشقي، الذي كان قد سعى على نجم