للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعشرين يكون للصوباشي. وجعل إمامة الجامع الأموي للقاضي شهاب الدين الرملي المذكور.

وفي بكرة يوم السبت مستهل رمضان منها، وصل ملك الروم سليم خان بن بايزيد خان بن محمد خان بن مراد بك بن محمد بن يايزيد بن مراد بك بن أردخان بن علي بن سليمان بن عثمان، وعثمان هذا من مماليك أحمد بن طولون صاحب مصر، وقيل من مماليك المأمون إلى المصطبة لصيق القابون الفوقاني، في عساكر عظيمة لم نر مثلها، ويقال إن عدتها مائة ألف وثلاثين ألفاً، ما بين أروام وأرمن وتتر وسوارية وإفرنج وغير ذلك.

وقدامه ثلاثون عربة، وعشرون قلعة على عجل، يسحب كلاً منها بغلان؛ ولما أطلقوا البارود في المصطبة، ظنت أهل دمشق ان السماء انطبقت على الأرض، وخلفهم النايات والطبول النقارة، وخلفهم المشاة رماة البندق، وخلفهم الخنكار الملك المذكور، وخلفه السناجق والطوخان والعساكر على حسب طبقاتهم.

ولما نزل لم يجتمع به أحد، ولكن قضاة دمشق الأربعة كانوا باتوا تلك الليلة عند القاضي كريم الدين بن الأكرم، ثم سروا من عنده، فاجتمعوا في الدرب بقاضي العسكر، فجاء بهم الخنكار، فباسوا يده، الشافعي، ثم الحنفي، ثم المالكي، ثم الحنبلي، ثم قرأوا الفاتحة ومشوا؛ ثم جاء السيد كمال الدين بن حمزة، ومعه جماعة من الشرفاء، ففعل بهم كذلك، ولما نزل جاء نائب القلعة الدمشقية إليه وسلمه مفاتيحها، فقبض عليه وعلى جماعته.

وفي يوم الأحد ثانيه جاء دفتردار الخنكار إلى عند المحب ناظر الجيش، وطلب مباشري الترك السمر، وطلب منهم حسابهم فيما مضى في الدخل والخرج من جهاتهم.

وفي يوم الاثنين ثالثه جاء قاضي العسكر الأكبر، ركن الدين بن زيرك، إلى الجامع الأموي، واجتمعت به ثمة، وفرق دراهم.

وفيه نودي للحج بالتأهب له، وضبطت عدة البيوت والدكاكين وسكانها داخل دمشق، بإشارة قاضي البلد الرومي.

وفيه ذهبت إلى وطاق الخنكار، قاصداً الاجتماع بالمدرسين الذين معه، ويقال إن عدتهم ستة وثلاثون مدرساً حنفياً، فلم يتيسر ذلك لعدم المعرفة بلسانهم؛ فدرت فيه، فذهلت من كثرته، وتعجبت من الأسواق التي فيه، وقلما تروم شيئاً إلا تجده فيها، وهي سائرة معه من بلاده؛ فمن صنف اللحامين خمسة عشر قالياً للحم، ومثلها من الطباخين لعدة ألوان، ومثلها حكماء، ومثلها جرايحة، ومثلها بياطرة، ومثلها أساكفة، ومثلها حدادون، ومثلها علافون، وهذه الاعداد تقريباً، وغالب ظني أنها أكثر من ذلك، إلى غير ذلك من السوقة.

<<  <   >  >>