للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنشكر الله شكراً كبيراً على أن جعل أيامنا للفتوح مواسم، وأوقاتنا للزمان مباسم، ومآثرها في ضحو المعالي خالدة، ومناقبنا على ممر الليالي أيدة، ونرجو من لطفه الخفي أن يجعل سعينا مشكوراً، ويجزينا في الآخرة جزاء موفوراً.

ولا خفاء في أن هذا الفتح الجليل العظيم، والصنيع الجليل الكريم، وفقنا الله به، أمر بتبييض الأيام السود، وأعاد الحسن المعقود، وأقر الخير في قراره، وأسقط لواء الشر بعد انتصابه، وأضحك وجه الإسلام، وبرد صدور الأنام.

فأصبح ولو كان الفتوح جسماً لحل منه محل الفؤاد، ولو كانت أرضاً لكان سماؤها ذات العماد، وهو جدير بأن تواردت نسبة البشرى واليسرى، وتدامت الكتب والأخبار على الأكارم والأقانيم، وسلاطين الأقاليم، سيما على حضرة من كان مقامنا الشريف، وثغره المنيف، وشرف الجوار، وتفاوت الدار، وكمال المودة التي تصفوا مشاربها عن الأقذار ومناهلها عن الأكدار، وتكتب آثارها بسواد الليل على بياض النهار.

فلهذا أسطرت في اليوم الثالث والعشرين من شهر رجب المرجب، لسنة عشرين وتسعمائة، من بلدة تبريز، هذه المكاتبة الشريفة، مبشرة بما أجده الله من الجد، وأنجز من الوعد، وأجزل من الوفد، وحلى وجه المؤمنين ببشراه بشرى، وملأ صدور الموحدين منا، وقلوب الملحدين ذعراً.

واختير لتبليغ هذه البشارة العظمى، على سبيل السرعة والاستعجال، إلى مقامكم العالي المفضال، الأميري الكبيري الأوحدي الأمجدي، الأخص المقربي، المؤتمني خير الدين، حضر رزقت سلامته، وحملناه من السلام، ما هو ألطف من الغمام، والله تعالى يديم لكم من عاداته أجملها، ونعمه أجزلها، ومنحة أكملها، ما بث الليل دجاه، ونشر الصبح سناه، وحسبنا الله ونعم الوكيل. انتهى من نسخة سقيمة.

وفي يوم الاثنين تاسعه فوض قاضي الأروام قضاء الحنابلة، إلى أخينا شهاب الدين بن البغدادي. وفي يوم الخميس ثاني عشره فوض أيضاً قضاء الصالحية، إلى صاحبنا كمال الدين الغزي، بعد أن ندبت إليه مرات، على يد القاضي شمس الدين الخيوطي.

وفي يوم السبت رابع عشره رفعت الزينة من دمشق، بعد أن حصل فيها مشقات لأجل الأسواق، مع كثرة ظهور المعاصي، ولكن بحمد الله هبط سعر القمح، وفي يوم الأربعاء ثامن عشره، في ثالث ساعة منه، نقلت الشمس إلى برج الحمل. وفي يوم الجمعة عشريه

<<  <   >  >>