وفي يوم الأحد خامس عشريه جاء شخص أعجمي إلى نائب الغيبة بثلثمائة دينار، ودفعها له، وذكر له أن له ابن أخ أراد تأديبه، فكان فيه منيته، فسمح له بدفنه، فما جاؤوا ليغسلوا بقيسارية سوق السلاح، وقف العمارة الخنكارية، وجدوا الصبي مذبوحاً، فتوقفوا في تغسيله، وروجع نائب الغيبة في ذلك، فطلب الأعجمي المذكور وقبض عليه، وأخذ موجوده وأودع في الحبس، قيل وطلع موجوده عدة أحمال قماش، بها أحجار فضة، فأتلف الأعجمي، وتحدث أن سبب ذبحه على ما قال الأعجمي، أنه أطلع على شخص يفعل به، وظهر للناس أن الصبي حر، وإنما كان عمه هذا أخذ مال أبيه، فكان يطالبه به كل وقت، فاختشى منه، فبادر إلى قتله، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الاثنين سادس عشريه سافر قاضي البلد لملاقاة النائب. وفيه بلغني أن عبيد بن الطويل، شيخ الصالحية، شرع في عمارة الربوة، بإشارة نائب الغيبة ومناداته لذلك، وكان لها مدة خمس سنين خراباً، وقد نودي بعمارتها في هذه المدة عدة مرات ولم تعمر.
وفي يوم الأربعاء ثامن عشريه رجع النائب إلى دمشق، ودخل دخولاً حافلاً، وقدامة قاضي البلد بعيداً، وأنكر ذلك، فإن العادة أن القاضي الكبير يكون إلى جانب النائب، وقدام القاضي المشار إليه نوابه عن بعد، ومعهم على ما قيل ناظر الأيتام المحب الدسوقي.
في يوم الخميس تاسع عشريه سلم نائب القلعة الجديد على النائب، وأهدى له هدية حافلة، منها على ما قيل صحن من ذهب، وخمسة من فضة، وخمس سلطانيات من فضة أيضاً، وثلاث شربات رومية، فسر بذلك. وفيه أهدي النائب لقاضي البلد بغلة.
وفي يوم الجمعة مستهل جمادى الآخرة منها، صليت بالجامع الأموي صلاة الجمعة، فرأيت قبيل الصلاة أبا بكر الملقب بسراق الحشمة، صبي الشيخ محمد بن عراق، النجار بمكة كان، يسير بين صفوف المصلين، وهو لابس لبساً عجيباً، من مسابح معلقة عليه، ورمح بيده، ومئزر أخضر على رأسه، بغدقة طويلة، وخلفه شخص على رأسه دائرة، بها قصاصة من جوخ ملون، مدلاة على ظهره وكتفيه ووجهه، وفي يد أبي بكر هذا كراسة وهو يقرأ كلاماً، زبدته أنه لا ينبغي للفقيه الإنكار على الصوفية، لأن أمورهم وراء طور العقل، فلم يعجبني حاله وأنكرته في نفسي، وفي الجامع مثل شيخ البلد السيد كمال الدين بن حمزة، والقضاة والصوفية، فلم ينكر أحد منهم ذلك، وبعد الصلاة عاد إلى مثل ذلك، ومعه أناس ينشدون، ودخل إلى حلقة الذكر للسشيخ حسين الجناني، فوقعوا به ضرباً، وكفى الله المؤمنين القتال.