وفي يوم الجمعة ثاني عشريه، قبل الصلاة، وصل مرسوم شريف إلى الحاجب الكبير يونس بأن يفوض قضاء الحنفية، عوضاً عن العمادي الناصري، لمن يختار، من برهان الدين بن القطب، أو المحيي بن القصيف؛ وكان السبب في ذلك أن المحبي استعان بالحاجب المذكور في السعي له، وأن يكاتب له بذلك على ثلاثة آلاف دينار، ففعل، فورد المرسوم المذكور، فأما ابن القطب فأبى واعتذر بأنه عاجز ضعيف، وأما المحبي فإنه استشهد بجماعة واستكتبهم في أنه لا بأس به وقدم ذلك للحاجب.
ثم في يوم الثلاثاء سادس عشرينه فوض إليه الحاجب، ولبس تشريفة بطرحة، من الاصطبل إلى بيته، وركب معه الحاجب وقاضي الحنابلة النجم بن مفلح، وكان النائب إذ ذاك بالمرج، خرج منها ليغيب من جلبان السلطان الراجعين من التجريدة، وذم في سيرته. وفي يوم الأربعاء سابع عشرينه دخل دمشق من البلاد الشمالية من التجريدة الأمير قانصوه خمسمائة؛ وفي ثانيه دخل قانصوه الشامي.
وفي يوم الأحد ثاني ذي الحجة منها، سافر الأمير قانصوه خمسمائة من دمشق إلى مصر، وسافر مع بعض الأمراء. ثم في يوم الثلاثاء رابعه دخل الأمير الكبير الأتابك أزبك الظاهري من حلب إلى دمشق، ونزل بالقصر، وتقدمه يشبك الجمالي والأمير أزبك الخازندار. وفي يوم الجمعة سافر الأمير الكبير الأتابك، ولم يمكث لثاني يوم، يوم عرفة، وكان يشبك وأزبك الخزندار تقدماه يوم الخميس، سافر أولاً يشبك، ثم بعده بساعة سافر الآخر، وكان راح على وادي التيم جماعة من الأمراء والمماليك.
وفي يوم الأربعاء، آخر أيام التشريق، دخل نجم الدين بن الخيضري إلى دمشق من مصر، وأخبر عن أمر برهان الدين بن المعتمد، أنه تأخر بعد زواجه، ولا قوة إلا بالله. وفي يوم الخميس ثامن عشريه أطلق الجماعة المعتقل عليهم بالقلعة، المطلوبين إلى مصر، وهم: شعيب، وابن حمدان المؤذن، والمحب بن سالم، وابن الأربلي، ضمنهم القاضي الشافعي ليتجهزوا للسفر معه إلى مصر.
وفي هذه الأيام وصل الخبر إلى دمشق بأن السلطان ختن ولده محمد، وأمر بضبط ما يدخل إليه من المال هدية، فإذا هو يقرب من خمسين ألف دينار، وأن السلطان طرد قاصد نائب الشام وغوش على أستاذه لأجل استعجاله بالرجوع من المهم الشريف وأراد أمن يوقع به فأخرج، وأنه طلب الأتابك أزبك من الطريق على هجن، فدخل مصر قبل بقية الأمراء، وأنه قطع أيدي جماعة من المماليك، لكونهم أرادوا الوقوع بدواداره آقبردي، وأمره بالخروج إلى