يوم الجمعة سابعه ورد خاصكي من مصر، على يديه مرسوم بالفصل بين الأمير الكبير وبين دوادار السلطان في شر وقع بينهما قبل ذلك، وعلى يديه مرسوم بمصادرة من مع الدوادار، فقبض جماعات ووضعهم بالقلعة، واختبطت دمشق. ثم في يوم الأحد تاسعه غوش العمري القواس بالقلعة بحضرة الخاصكي، فدخل الحاجب الكبير ورطن على الخاصكي حتى كاد يقع به، ثم أمر المقبوض عليهم بالخروج إلى منازلهم فخرجوا.
وفي هذه الأيام ورد كتاب الخاصكي ماماي الذي كانت مقبوضاً عليه عند أبي يزيد بن عثمان من طرسوس إلى دمشق، تاريخه حادي عشر ربيع الآخر، وملخص ما فيه، أن أبا يزيد كان عزم على سلخ ماماي المذكور، وأن يخوزق بقية الخاصكية، فدخل الليل فسمعنا به قلبة، فظننا أنه أتى أمر الله، فلما أصبحنا استحضرنا إليه، فحضرنا ونحن على وجل فتلقانا ملتقى حسناً، فعجبنا لذلك، فأخبرنا أنه قد خسف بمكان له، ونزل صاعقة على آلة حربه، وزلزلت أماكن، وعصفت الريح، حتى أنه كاد يهلك، فلما رأى ذلك ذلك سلم لأمر السلطان وأكرمنا وسلمنا مفاتيح القلاع، وقال: إنه كان كافراً وقد أسلم وهو مملوك السلطان، وقد أرسل معنا قاضياً وجماعة خاصكية من جماعته في الرسلية إلى السلطان، ونحن واصلون.
وفي يوم السبت خامس عشره نودي بدمشق بإظهار الزينة لقدوم قاصد السلطان ماماي، ومن معه، من البلاد العثمانية، وتزايدت خلا القلعة، فإنها لم تزين لأن آلة الحرب قد ختم عليها في الحواصل، ولم يكن عادة أن تزين إلا بمرسوم شريف، ولم يرد لهم، وحصل على التجار والسوقة مشقة بالمبيت في حوانيتهم، مع كثرة الخمر والفساد وبنات الخطا وخروج النساء للفرجة، ولا قوة إلا بالله.
وفي يوم الجمعة حادي عشريه وصل القاصد المذكور، ومن معهم، إلى مصطبة السلطان، ونودي بالخروج إليهم من كل بلد وحارة بالعدة وآلة الحرب، فلما كان الثلث من ليلة السبت ثاني عشريه، هرع الناس، وأطلق البارود بالقلعة، وجاءت العشران من كل جانب وتلقوهم، وكان يوماً حافلاً، استمروا إلى قريب الظهر حتى وصل إلى تجاه القصر بالميدان، وكان النائب والخاصكي ماماي نائبه في منزله، وقاضي الرسلية قاسم بن يكن خلفهما مصموداً، وفرح الناس بذلك، وفي يوم الاثنين خامس عشريه رفعت الزينة من دمشق. وفي يوم الخميس ثامن عشريه سافر الخاصكي ماماي وقاضي برصة في الرسلية،