للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كقولك: المعلوم إما موجود أو معدوم، والعدد إما زوج أو فرد، وقد قدمنا في المقدمة المنطقية إيضاح الكل والكلي والجزء والجزئي، وأوضحنا الفوارق بين تقسيم الكل إلى أجزائه والكلي إلى جزئياته فأغنى ذلك عن إعادته هنا (١).

واعلم أن تقسيم الكلي إلى جزئياته يشمل تقسيماتٍ متعددةً باعتبارات مختلفةٍ، فيقسم باعتبار تباين الأقسام وتخالفها، إلى حقيقي واعتباري.

أما التقسيم الحقيقي فهو ما كانت الأقسام فيه متباينة في المفهوم والماصدق، أعني تباينها في العقل والخارج معًا.

وإيضاحه أن يكون العقل حدَّ لكم قسم من تلك الأقسام حقيقة تُباينُ حقيقة ما سواه، وبها يتميز عن غيره من الأقسام، ولا يكون في الخارج شيء واحد من تلك الأقسام يمكن أن تتحقق فيه الحقائق المتباينة، ولو باعتبارات مختلفة، كتقسيم العدد إلى زوج وفرد، والجسم إلى متحرك وساكن، فإن الزوج يباين الفرد مفهومًا وماصدقًا، والسكون يباين الحركة مفهومًا وماصدقًا، فتقسيم العدد إلى فرد وزوج، والجسمِ إلى متحرك وساكن، ونحوُ ذلك هو المسمى بالتقسيم الحقيقي.

وأما التقسيم الاعتباري فهو ما كانت الأقسام فيه متخالفة -أي متباينة- في المفهوم دون الماصدق، أعني تباينها في العقل وحده دون


(١) راجع ص ٢٦ وما بعدها من المقدمة المنطقية.