للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفصل الأول: في النقض]

وقد عرفتَ مما ذكرنا تعريفَه ومثاله في البحث والمناظرة، والمراد به في الأصول أخصُّ من المراد به في البحث والمناظرة.

وضابط النقض في اصطلاح الأصوليين هو وجود الوصف الذي هو العلةُ مع تخلف حكم العلة عنها.

وهو في الأصول أنواع:

الأول منها هو ما أجمع العلماء على أنَّه ليس نقضًا للعلة ولا مبطِلا لها، وإنما هو تخصيص لعمومها وشمولها لجميع أَفراد حكمها الذي تستوجبُه، وهذا النوع هو ما علم بدليل خاص من كتاب أو سنة أنَّه مستثنى من قاعدة القياس، كترخيصه - صلى الله عليه وسلم - في بيع العرايا، وهو بيع رطب بتمر يابس على كل التفسيرات، وعلة المنع موجودة في بيع العرايا بالإجماع، واردةٌ على علة كل معلل.

فلو قال المعترض: كون بيع الرطب بالتمر اليابس الذي هو المزابنة ليس علةً لتحريم البيع؛ لأنه (١) يقدح فيه القادح المسمى بالنقض في بيع العرايا، فهو بيع تمر يابس برطب، والمزابنةُ التي هي علة المنع موجودة فيه، مع أن حكمها متخلّف عنها، وهو منع البيع؛ لأن ذلك البيع جائز في العرايا، ووجود العلة مع تخلّف حكمها عنها نقضٌ لها، فهي باطلة.


(١) الجار والمجرور هنا خبر لقوله قبله: (كون بيع .. إلخ).