للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في السؤال الثاني عشر]

وهو القادح المعروف في الأصول بالقدح في إفضاء الحكم إلى المصلحة المقصودة من شرع الحكم.

وضابطه الاعتراض بان المصلحة التي شُرع من أجلها الحكم لم يفض إليها الحكم.

ومثاله أن يقال في علة مصاهرة المحارم على التأبيد: إنها الحاجة إلى ارتفاع الحجاب، ووجه المناسبة أنه يفضي إلى رفع الفجور؛ لأن التأبيد التحريم يقطع الطمع، وقطع الطمع في النكاح يجعل المحرمة بالمصاهرة لا تتوق النفس إليها؛ لأنها بذلك تصير كالأخت والأم، فلا ينظر إليها نظرة شهوة، ولا يكون بينه وبينها ما يدعو إلى الريبة.

فيقول المعترض: هذا الحكم لم يفض إلى المصلحة المقصودة؛ لأن قطع الطمع في النكاح أدعى إلى الفجور؛ لأن النفس حريصة على ما مُنعت منه، كما قال الشاعر (١):

مُنعتَ شيئًا فأكثرتَ الولوعَ به ... أَحبُّ شيءٍ إلى الإنسانِ ما مُنعا (٢)

وقوة داعية الشهوة مع اليأس من حلّية النكاح مظنة الفجور.

والجواب عن هذا الاعتراض ببيان إفضاء الحكم إلى المصلحة،


(١) المشهور بيت الأحوص الأنصاري:
وزادني كلفًا في الحب أن مَنَعتْ ... وحَبُّ شيء إلى الإنسان ما مُنعا
(٢) انظر ديوانه: ١٩٥.