للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأن يقول في هذه المسألة: تأبيد التحريم يمنع عادةً من مقدمات الهم والنظر، وبالدوام يصير كالأمر الطبيعي، فلا يبقى المحل مشتهىً، كالأمهات والأخوات، كما هو مشاهد، ولا شك أن اليأس له أثر كبير في صدود النفس عما يئست منه، كما قال بعض المتأخرين من أدباء قُطْر شنقيط، وهو خال والدي شقيقُ أمه:

فكن يائسًا منها ففي اليأس راحةٌ ... وإن رسيس الشوق يطردُه اليأسُ

وهكذا يصح مثالًا لا شاهدًا؛ لتأخر قائله.

وكونُ اليأس يُريح من الطمع أمر معروف مشهور في شعر العرب، ومنه قول امرئ القيس:

أبيني لنا إن الصَريمة راحةٌ ... من الأمر ذي المخلوجة المتلبّسِ (١)

فإن معنى بيته أنها إن صرّحت له بالصريمة والقطيعة استراح من الطمع الذي لا يدري صاحبه أيحصل على شيء أم لا.

ووجه تطبيق هذا القادح في البحث والمناظرة ظاهر؛ لأنه منع؛ إذ المعترض يمنع فيه حصولَ المصلحة المقصودة بتشريع الحكم. وقد قدمنا لك أن جميع القوادح راجعة إلى المنع والمعارضة. وبعضهم يقول: إنها كلها راجعة إلى المنع.


(١) ديوانه: ص ١٣٦، دار إحياء العلوم، ١٤١٠ هـ وفيه (الشك) موضع (الأمر).