للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في النقض وأقسامه ويسمى النقضَ الإجمالي

اعلم أولًا أن النقض في اصطلاح أهل هذا الفن هو ادعاء السائل بطلانَ دليل المعلِّل مع إقامته الدليل على دعواه بطلانَه، وذلك إما بتخلف المدلول عن الدليل، بمعنى أن الدليل يكون موجودًا والمدلول ليس بموجود، فيكون الدليل جاريًا على مدّعىً آخرَ غيرِ المدّعَى الذي أقامه عليه المعلَّل، أو بسبب استلزامه المحال كالدور السبقي والتسلسل المحال ونحو ذلك، ولهم فيه تعاريفُ غيرُ هذا، وسيتضح لك ذلك في الكلام عليه في تطبيقه على القادح المسمى بالنقض عند أهل الأصول (١).

واعلم أن النقض لا يُقبل إلا مقترنا بشاهد، والمراد بالشاهد المذكور هو الدليلُ على صحة النقض، فإن لم يذكر السائل مع [النقض] (٢) الشاهدَ المذكورَ لم يقبل منه، وقد عرفتَ من تعريفه أن الشاهد المذكور نوعان:

الأول: تخلف المدلول عن الدليل. والثاني استلزامه المحال.

فمثال تخلف المدلول عن الدليل أن يقول المعلِّل المعتقد مذهبَ الفلاسفة في قدم العالم: العالم قديم، ثم يقيم على ذلك الدليلَ في


(١) يأتي ص ٢٩٦.
(٢) في المطبوع: (النقيض)، والصواب ما أثبتّه.