للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زعمه فيقول: لأنه أثر القديم، وكل ما هو أثر القديم فهو قديم، ينتج من الشكل الأول: هو -أي العالم- قديم.

فيقول السائل: هذا الدليل باطل، لأنه يوجد مع عدم وجود مدلوله، وقد يوجد مع مدعىً آخر مقطوع بأنه غير حق، كأن يقول: الحوادث اليومية المتجددة في الدنيا حينًا بعد حين أثر القديم، وكل ما هو أثر القديم فهو قديم، ينتج من الشكل الأول: الحوادث اليومية المتجددة في الدنيا حينًا بعد حين قديمة، مع أن حدوثها مشاهد مدرَك بالحواس، فهو يقيني، ومقدمة الدليل المذكور الصغرى -وهي كونها أثرَ القديم- صحيحة، فتعين أن قوله (وكل ما هو أثر القديم فهو قديم) باطل؛ لأنه منقوض بالحوادث اليومية المتجددة بمرأىً منا ومسمع (١).

ولا يلزم في النقض تعيين المقدمة التي منها الفساد، وإنما عينّاها في هذا المثال لأجل الإيضاح.

والحاصل أنه يقول له: دليلك الذي هو قولك (وكل ما هو أثر القديم فهو قديم) منقوض، لأن الحوادث اليومية أثرُ القديم، وليست بقديمة.

وإيضاح الإبطال بهذا النوع من النقض أن المدلول لازم للدليل، وتخلفُ اللازم عن الملزوم لا يمكن، فلا يكون تخلف المدلول عن الدليل إلا لفساد فيه، وسيأتي (٢) إن شاء الله -تعالى- كثير من أمثلة هذا


(١) الصواب في هذه المسألة التفريق بين النوع والأفراد، فنوع الحوادث قديم، وإلا لزم تعطيل الخالق عن الفعل أزلًا، أما الأفراد فحادثة.
(٢) ص ٢٩٦.