للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفروض أنها لم تسبق بعدم بمنعدمة، وهذه النتيجة كاذبة؛ لأن جميع ذرات العالم تنعدم شيئًا فشيئًا كما هو مشاهد، وإنما كذبت النتيجة لكون الصغرى مستحيلة، و [هي] (١) قوله: (كل ذرة من العالم فُرض أنها لم تُسبق بعدم فهي أزلية)؛ لاستحالة وجود ذرة منه لم تُسبق بعدم حتى تكون أزلية، ومن المعلوم أن الأزلي الوجودي لا يُعقل انعدامه؛ إذ لو كان انعدامه جائزا لكان محتاجًا في وجوده الأول إلى مخصص يخصص وجوده، ويرجحه على عدمه المساويه عقلًا أزلًا، فيكون حادثًا لترجيح المخصص المذكور وجودَه على عدمه، والفرض أنه أزلي، واستحالة الصغرى التي هي (كل ذرة من العالم فُرض أنها لم تُسبق بعدم فهي أزلية) يلزمها صحة نقيضها، وهي (كل ذرة من ذرات العالم مسبوقة بعدم)؛ لتساوي ذراته لذاتها (٢)، فهذه النتيجة مثال لإنتاج الدليل مساوي الدعوى الممنوعة؛ لأنها مساوية لقولك: العالم حادث.

ومثال إنتاج الدليل ما هو أخصُّ من الدعوى الممنوعة أن تكون مناقشة المتناظرَين في موجَّهة بالإمكان، فيمنع السائل جهتها التي هي الإمكان، فيقيم المعلل الدليل على صحة توجيهها بالإطلاق؛ لأن


(١) في المطبوع: (لكن) ولا معنى لها هنا.
(٢) قوله (لتساوي ذراته لذاتها) برر به جعله نقيض الكلية كلية على خلاف المقرر في قواعد المنطق من كون نقيض الكلية جزئية (راجع ص ٨٩)، وهو يحتمل موافقة المتكلمين في قولهم بتماثل الأجسام، مع أن إثبات حدوث ذرات العالم غير موقوف على إثبات تماثلها، وانظر في ذلك درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية: ١/ ١١٥ - ١١٧، ٤/ ١٧٦ وما بعدها.