للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه الأول أن المشهورة كالمذكورة، فكأنها غير مسكوت عنها لشهرتها، وهذا النوع من القول بالموجَب إنما ورد على السكوت عنها. ووجه قول من قال (عن مقدمة مشهورة) هو أن الشهرة هي سبب جواز الحذف؛ لأن حذف غير المشهور قد يؤدي إلى عدم فهم الكلام.

واعلم بأن بعض أهل الأصول يقول: إن القول بالموجَب والقلبَ كلاهما معارضة في الحكم. وقد ذكرنا أنه الصواب في القلب سابقًا، وجعلهما الفخر الرازي (١) من القوادح في العلة.

وأظهرُ القولين أنه إن قال: (هذا الذي نفيتَ ليس مبنى مذهبي) أنه يُصدّق في ذلك، فإن استنتج من الدليل ما يتوهم أنه محل النزاع أو مُلازمُه فقال المعترض: (ليس هو محل النزاع ولا ملازمًا له) فجوابه عن هذا أن يُثبت أنه هو محل النزاع أو ملازم له بطريق من طرق الإثبات.

والحق أن القول بالموجَب يرِدُ على جميع الأدلة، قياسًا كان الدليل أو غيرَه، فقول الرازي إنه من القوادح في العلة لا يظهر كلَّ الظهور؛ لأنه أعم من ذلك.

وتطبيق القول بالموجَب على الاعتراض في البحث والمناظرة أنه شبيه بالنقض؛ لأن المعترض يقول: دليلك مسلّم، ولكن الحكم الذي هو مدلولُه متخلّف عنه، وتخلف المدلول عن الدليل نقض في البحث والمناظرة، ولكنه عندهم مبطل للدليل؛ لأن تخلف المدلول عندهم


(١) سبقت ترجمته ص ١٣.