للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا التنزيه الكريم يتيسر له الإيمان بما وصف الله به نفسه من صفة الاستواء؛ لأنه إذا حمل الاستواء على ذلك المعنى اللائق المنزَّه عن مشابهة استواء المخلوقين سهُل عليه الإيمان به وتصديقُ الله في ثنائه به على نفسه على نحو {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)}.

فالسلفي منزهٌ أولًا، ومؤمن بالصفات ومثبتٌ لها على أساس التنزيه ثانيًا، عالمٌ بعجزه عن إدراك كيفية الاتصاف؛ لأن إحاطة العلم البشري بالله منفية نفيًا باتًا قرآنيًا كما تقدم إيضاحه (١)، فهو بتنزيهه طاهرُ القلب من أقذار التشبيه، وبإيمانه بالصفات على أساس التنزيه طاهر القلب من أقذار التعطيل، فمذهبه طريق سلامة محقفةٍ لا لبس فيها، ولا شك في كونها حقًّا؛ لأن كل مذهبه تمسكٌ بنصوص القرآن العظيم.

أما ما يسمونه مذهب الخلف فهو مستلزم ثلاث [بلايا] (٢) كل واحدة منها أكبر من أختها استلازمًا لا ينفك:

والأولى من البلايا الثلاث: أنه إذا سمع قوله -تعالى-: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} قال: إن ظاهر هذا الاستواء -الذي مدح الله به نفسه في سبع آيات من كتابه- هو مشابهة استواء المخلوقين! وهذه بلية عُظمى؛ لأن صاحبها يتهجم على نصوص القرآن العظيم، ويفتري


(١) ص ٣٦٨.
(٢) في المطبوع: (بلايات).