للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كان الذي يفارق واحدًا منهما فقط دون الآخر، فهما اللذان بينهما العموم والخصوص المطلق، والذي يفارق أعمُّ مطلقًا، والذي لا يفارق أخصُّ مطلقًا، كالحيوان والإنسان؛ فإن الحيوان يفارق الإنسان؛ لوجوده دونه في الفرس والبغل مثلًا، والإنسان لا يمكن أن يفارق الحيوان؛ إذ لا إنسان إلا وهو حيوان، فلا يفارقُ الإنسانُ الحيوانَ بحال، فالحيوان أعمُّ مطلقًا، والإنسان أخصُّ مطلقًا فالنسبة بينهما العموم والخصوص المطلق.

وإن كان كل منهما يفارقُ الآخر فهما اللذان بينهما العموم والخصوص من وجه، كالإنسان والأبيض، فإنهما يجتمعان في الإنسان الأبيض، كالعربي والرومي، وينفرد الأبيض عن الإنسان في الثلج والعاج مثلًا، وينفرد الإنسان عن الأبيض في الزنجي مثلًا، فهو إنسان أسود.

وإذا عرفت هذه النسبَ الأربعَ فاعلم أنها هي الميزانُ الذي يُعرف به الصادق والكاذب من القضايا:

فكل قضية كانت النسبة بين طرفيها التباينَ فهي صادقة السلْبين، كاذبةُ الإيجابين -أعني بالسلبين: السلبَ الكليَّ والجزئي، وبالإيجابين: الإيجابَ الكليَّ والجزئي-، فلا تكذبُ سالبةٌ مطلقًا، ولا تصدُق موجبةٌ مطلقًا.

فلو ركّبْتَ قضية من الإنسان والحجر صدقَتْ في كل سلب، كقولك: (لا شيء من الحجر بإنسان)، و (لا شيء من الإنسان بحجر)، و (بعض الحجر ليس بإنسان)، و (بعض الإنسان ليس