للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنها تجري على حكم الأعمّين من وجه، فلا تكذبُ في جزئية، ولا تصدقُ في كلية.

فلو قلتَ: (بعض الحيوان إنسان) أو (بعض الحيوان ليس بإنسان)، فكل ذلك صادق، بخلاف الكلّية؛ فإنها كاذبة هنا مطلقًا، كما لو قلت: (كل حيوان إنسان) أو (لا شيء من الحيوان بإنسان)، فكله كاذب.

واعلم أن التباين الذي هو إحدى النسب الأربع ينقسم إلى قسمين وهما: تباين المخالفة، وتباين المقابلة.

وضابط تباين المخالفة هو أن الحقيقتين متباينتان في ذاتيهما، ولكنهما ليس بينهما غايةُ المنافاة، بمعنى أنه يمكن اجتماعهما في ذات واحدة.

فحقيقة البرودة مثلًا تُباين حقيقة البياض، لأن كل معنى ثبت له أنه هو البرودة انتفى عنه أنه هو البياض، كعكسه، ولكن لا مانع من اجتماع البرودة والبياض في ذات واحدة كالثلج، فهو أبيض بارد.

وكالحلاوة والسواد، وكالكلام والقعود، فإن حقيقة الحلاوة تُباين حقيقة السواد، ولكنهما ليس بينهما غاية المنافاة، بمعنى أنه يجوز اجتماعهما في محل واحد، كالتمرة السوداء، فهي جامعة بين الحلاوة والسواد، فالنسبة التي بين السواد والحلاوة هي تباين المخالفة.

وكذلك حقيقة الكلام فإنها تباين حقيقة القعود، ولكن لا مانع من أن يكون الإنسان الواحد قاعدًا متكلمًا في وقت واحد.