للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البسيطة من اللون يستحيل أن تكون سوداء وبيضاء في وقت واحد، وكذلك الجِرم الواحد يستحيل أن يكون متحركا ساكنا في وقت واحدٍ، فالمقابلة بين السواد والبياض، وبين الحركة والسكون مثلًا، مقابلة الضدين، وهي من أنواع تباين المقابلة، خلافًا لمن زعم أن السكون ليس بوجودي.

وضابط الضدين أنهما "لا يجتمعان ولكنهما قد يرتفعان"، وارتفاعهما إنما يكون لواحد من سببين:

الأول منهما: وجود واسطة كضد ثالث؛ فإن السواد والبياض مثلًا لا يجتمعان في نقطة بسيطة من اللون، ولكنهما قد يرتفعان عنها لوجود واسطة أخرى كالحمرة والصفرة، فتكون تلك النقطة حمراء أو صفراء.

السبب الثاني: هو ارتفاع المحل، فالجِرم الواحد الموجود يستحيل أن يجتمع فيه السكون والحركة فيكون متحركا ساكنا في وقت واحد، ولكن الحركة والسكون قد يرتفعان عنه بارتفاعه، أي بانعدامه وزواله من الوجود؛ فإنه إذا عُدم لا يقال فيه: ساكن، ولا متحرك.

وأما المقابلة بين المتضائفين فهي المقابلة بين أمرين وجوديين بينهما غاية المنافاة ولا يمكن إدراك أحدهما إلا بإضافة الآخر إليه، كالأبوة والبنوّة، والقَبْلِ والبعد، والفوقِ والتحت.

فإن الذات الواحدةَ يستحيل أن تكون جامعة بين كونها أبّا وابنًا لشخص واحد، فكون الشخص أبًا لشخص مع أنه ابن لذلك الشخص بعينه مستحيل، كاستحالة اجتماع السواد والبياض في نقطة بسيطة