للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدمي، وهو المعبر عنه [بالعدم] (١)، وهو العمى، وهذا الطرف العدمي الذي هو العمى سلبٌ للطرف الوجودي الذي هو البصر عن المحل الذي شأنه أن يتصف به، كالحيوان الذي هو من جنس ما يبصر.

أما ما ليس من شانه الاتصافُ بالملكة فلا تردُ عليه عندهم مقابلةُ العدم والملكة، كالحائط، والغصن، فلا يقول: (هذا الحائط أعمى)، ولا: بصير، ولا (هذا الغصن أعمى) ولا: [بصير] (٢)؛ لأنه ليس من شأنه الاتصاف بالبصر حتى يُسلب عنه بالعمى.

فتبين أن المقابلة بين النقيضين وبين العدم والملكة كلتاهما مقابلة بين أمرين أحدهما وجودي والآخر عدمي، والفارق بينهما هو القيد الذي في العدم والملكة، الذي هو قولهم: (عن المحل الذي شأنه أن يتصف به) (٣).

وأن المقابلة بين الضدين والمتضائفين كلتاهما مقابلة بين أمرين وجوديين، والفارق بينهما أن الضدين لا يتوقف إدراك أحدهما على إضافة الآخر إليه، بخلاف المتضائفين، فلا يمكن إدراك أحدهما إلا بإضافة الآخر إليه كما تقدم إيضاحة.


(١) في المطبوع: (بالعدمي).
(٢) في المطبوع: (يبصر).
(٣) ما قرره المؤلف هنا هو إصلاح المناطقة، وقد تذرع به المتكلمون إلى نفي عقوه -تعالى- على خلقه، وأنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصلًا به ولا منفصلًا عنه، انظر معيار العلم لأبي حامد الغزالي: ص ٣٢، ٦٢، ١٤٧، دار الأندلس، بيروت. وانظر نقد ذلك في التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص ١٥١ وما بعدها، ودرء تعارض العقل والنقل له (٤/ ٣٥ وما بعدها).