للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحاديث تحريم الحمر الأهلية صادقة في وقتها.

فتبين أن التحقيق الذي لا شك فيه هو جواز نسخ المتواتر بأخبار الآحاد الثابتِ تأخرُها عنه؛ لعدم المنافاة مع اختلاف الزمن. وقد أوضحنا هذا في كتابنا "أضواء البيان" في سورة الأنعام، في الكلام على قوله: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥].

وقد غلط في هذه المسألة جماهير علماء الأصول، مع كثرتهم وجلالتهم في العلم والفهم، والعلمُ عند الله -تعالى-.

التنبيه الثاني: قد علمتَ مما ذكرنا في التناقض أن الكلية الموجبة يتحقق نقضها بالجزئية السالبة، وهذا في فن المنطق أمر معروف مطّرد لا نزاع فيه، ولكنْ مثلُه لا يتحقق به التناقض في فن الأصول؛ لأنه كمْ مِن نصٍ من كتاب أو سنة هو كلية موجبة، مع وجود نص آخرَ من كتاب أو سنة يتضمن جزئية سالبة، ووجه عدم التناقض بينهما أن الجزئية السالبة تكون مخصِّصة للكلية الموجبة، والتخصيص في الاصطلاح هو "قصر العام على بعض أفراده بدليل".

فقوله -تعالى-: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] الألف واللام في (المطلقات) سواء قلنا: إنها موصولةٌ وصلتُها اسم المفعول المقترنُ بها، أو قلنا: إنها تعريفية؛ نظرًا إلى تناسي الوصفية، أو على رأي من يرى أنها تعريفية، فهو في قوة كلية موجبة هي (كل مطلقة تتربص ثلاثة قروء).