مَوْجُودٌ غَيْرَ الْمَعْبُودِ، أُثِيرُ سَاكِنِي، وَأَمْتَحِنُ خَاطِرِي. فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ وَمَشَى.
وَقَالَ: دَعْهُ يَكُونُ مَعَكَ. فلم يزل يسايرنا إلى أن وافينا بطن مر، فقام إبراهيم ونزع خلقاته، وطهرها بالماء، ثم جلس، وقال له: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: عَبْدُ الْمَسِيحِ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ! هَذَا دَهْلِيزُ مَكَّةَ، وَقَدْ حَرَّمَ الله على أمثالك الدخول إليه، وقرأ: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نجسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بعد عامهم هذا} ، وَالَّذِي أَرَدْتَ أَنْ تَسْتَكْشِفَ مَنْ نَفْسِكَ فَقَدْ بَانَ لَكَ، فَاحْذَرْ أَنْ تَدْخُلَ مَكَّةَ، فَإِنْ رَأَيْنَاكَ بِمَكَّةَ، أَنْكَرْنَا عَلَيْكَ.
قَالَ حَامِدٌ: فَتَرَكْنَاهُ، ودخلنا مكة، وخرجنا إلى الموقف، فبينا نَحْنُ جُلُوسٌ بِعَرَفَاتٍ، إِذَا هُوَ قَدْ أَقْبَلَ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ يَتَصَفَّحُ الْوُجُوهَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْنَا، فَأَكَبَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ يُقَبِّلُ رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا وَرَاءَكَ يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ؟ فقال: هيهات، أنا اليوم عبده، والمسيح عَبْدُهُ, فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنِي حَدِيثَكَ.
قَالَ: جلست مكاني حتى أقبلت قافلة الحاج، فَقُمْتُ وَتَنَكَّرْتُ فِي زِيِّ الْمُسْلِمِينَ كَأَنِّي مُحْرِمٌ، فساعة وَقَعَتْ عَيْنِي عَلَى الْكَعْبَةِ، اضْمَحَلَّ عِنْدِي كُلُّ دِينٍ سِوَى الإِسْلامِ، فَأَسْلَمْتُ، وَاغْتَسَلْتُ، وَأَحْرَمْتُ، وَهَا أنا أطلبك يومي. فالتفت إلينا إبراهيم وقال: يا حامد! انظر إلى بَرَكَةَ الصِّدْقِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ كَيْفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute