إذا عمل أكثر الأمة بخلاف حديث من الأحاديث، فإنا نعمل بالحديث، ونترك عمل أكثر الأمة؛ لأن عمل أكثر الأمة حجة ظنية، وخبر الواحد، وإن كان يفيد الظن في سنده إلا أنه أقوى من عمل أكثر الأمة؛ لأن الراوي العدل قد جزم بسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيكون قولاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقوله حجة فيعمل به.
* * *
المسألة الثانية والخمسون:
إذا خالف القياس خبر الواحد فإنا نعمل بخبر الواحد؛ لإجماع الصحابة السكوتي على ذلك، حيث إن بعض الصحابة كانوا يبحثون عن حكم الحادثة في كتاب الله فإن لم يجدوا فيه، بحثوا في السنة، فإن لم يجدوا حكمها اجتهدوا بأنواع الاجتهادات، ومنها القياس، فلا يستدلون بقياس ولا بغيره من أنواع الاجتهادات إلا إذا لم يجدوا نصاً سواء كان هذا النص متواتراً أو آحاداً، ولم ينكر عليهم أحد؛ إذ لو وجد إنكار لبلغنا، ولكن لم يبلغنا شيء من ذلك، فكان إجماعاً سكوتياً.
من ذلك: أن عمر رضي الله عنه كان قد قضى بالإبهام بخمس عشرة من الإبل، وفي التي تليها بعشر، وفي الوسطى بعشر، وفي التي تلي الخنصر بسبع، وفي الخنصر بست، حكم بذلك لما عرف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قضى في اليد بخمسين، وكانت