هذا الدليل أو التأويل القدح فيما أجمعوا عليه؛ قياساً على الاستدلال على مسألة لم يسبق أن استدل عليها، بيانه: أنه كما أنه يجوز الاستدلال على مسألة لم يسبق أن استدل عليها كذلك يجوز إحداث دليل أو تأويل آخر، والجامع: أنه لا يلزم من هذا الاستدلال قدح في إجماع قد سبق.
ولوقوع ذلك؛ حيث إنه ما زال علماء كل عصر يثبتون الأدلة والتأويلات المغايرة لأدلة من تقدم وتأويلاته، ولم ينكر عليهم أحد، فكان ذلك إجماعاً.
* * *
المسألة الرابعة والعشرون:
يجوز وجود خبر أو دليل راجح، واتفق علماء الأمة على عدم العلم به بشرط: أن يكون عمل علماء الأمة موافق لمقتضى ذلك الخبر أو الدليل؛ لأن علماء الأمة غير مكلفين بالعمل بما لم يظهر لهم، ولم يبلغهم، فإتفاقهم واشتراكهم في عدم العلم لا يكون خطأ؛ لأن عدم العلم ليس من فعلهم، وذلك كعدم حكمهم في واقعة لم يحكموا فيها بشيء، فجاز لغيرهم أن يسعى في طلب ذلك الدليل أو الخبر ليعلم.
أما إن كان عمل علماء الأمة على خلاف الخبر أو الدليل، فهذا محال بالاتفاق، لأنه يلزم منه إجماع الأمة على الخطأ، وهذا مخالف للأدلة النقلية السابقة الذكر.