إذا بلغ التابعي درجة الاجتهاد في عصر الصحابة بعد اتفاقهم فإنه لا يُعتد بقوله؛ لأنه قول في حكم مسألة قد أجمع عليها، وهذا معلوم من عدم اشتراطنا لانقراض أهل العصر في المسألة السابقة.
أما إذا بلغ التابعي درجة الاجتهاد في عصر الصحابة قبل اتفاقهم على حكم معين فإنه يُعتد بقوله؛ لأن الأدلة المثبتة لحجية الإجماع دلت على أن المتبع هم كل المجتهدين من المؤمنين، ومن الأمة الموجودين حين حدوث الحادثة فى عصر واحد، وهذا الاسم - وهم المؤمنون والأمة - لا يصدق مع خروج التابعي المجتهد عن الصحابة، لأن التابعي من المؤمنين، فلو نظر الصحابة دون التابعي المجتهد في تلك المسألة وأجمعوا على حكمها فإنه لا يقال: " أجمع جميع مجتهدي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، لأن الحجة هي إجماع الكل.
ولأنه قد وقع أن بعض التابعين قد اجتهدوا وأفتوا في مسائل مع وجود بعض الصحابة، ولم ينكر الصحابة عليهم ذلك.
فهذا علقمة النخعي والأسود النخعي كانا يفتيان مع وجود ابن مسعود، وهذا سعيد بن المسيب كان يفتي بالمدينة مع وجود خلق كثير من الصحابة فيها، فلو كان قول التابعي المجتهد مع وجود الصحابي باطلاً لما ساغ للصحابة تجويزه والأخذ به والرجوع إليه.