يشترط في الإجماع اتفاق كل المجتهدين، فلا ينعقد الإجماع بقول أكثر العلماء، وعليه فلو اتفق علماء العصر على حكم حادثة إلا الواحد أو الاثنين منهم: لم ينعقد الإجماع؛ لأن الأدلة المثبتة لحجية الإجماع دلت على عصمة الأمة عن الخطأ، ولفظ الأمة إنما يطلق على جميع الأمة حقيقة - لا على أكثرها - وعليه: فالعصمة عن الخطأ تكون بجميع الأمة، أما أكثر الأمة فلا عصمة لهم، ونظراً إلى أنه لا عصمة لأكثر الأمة، فإنه لا ينعقد الإجماع باتفاقهم.
ولأنه قد وقع في زمن الصحابة اتفاق الأكثر منهم على حكم من الأحكام ومخالفة الأقل، بل تفرد الواحد منهم برأيه في مسألة معينة كمخالفة ابن عباس لأكثر الصحابة في مسألة الجد والإخوة، ومخالفة زيد بن أرقم لأكثر الصحابة في مسألة العينة وغير ذلك، فلو كان اتفاق الأكثر يعتبر إجماعاً للزم الأقل أو الواحد منهم أن يعمل بذلك الإجماع، ولأنكروا على ذلك المخالف مخالفته لذلك الإجماع، ولكنه لم يقع شيء من ذلك، فأصبحت المسألة خلافية وبقيت هكذا إلى زماننا هذا، وربما كان رأي الواحد منهم هو المعمول عليه عند بعض العلماء.
* * *
المسألة الخامسة عشرة:
اتفاق الأكثر ليس بإجماع كما سبق في المسألة السابقة،