فالقذف - مثلاً - علة لوجوب الحد على القاذف، وهو أيضاً علة لعدم قَبول شهادته، والقتل العمد العدوان علة لوجوب القصاص، وعلة أيضاً لحرمان القاتل من الميراث، وغروب الشمس علة لجواز الفطر في رمضان، وعلة أيضاً لوجوب صلاة المغرب، وعلة أيضاً لصحة الحج.
* * *
المسألة الثانية والأربعون:
يشترط في الوصف المستنبَط المعلل به أن لا يرجع على الأصل بإبطاله؛ لأن العلة لما كانت فرعاً لهذا الحكم من حيث إنها مستنبطة منه، والفرع لا يجوز أن يعود على أصله بالإبطال - أيضاً - باعتبار أن إبطال الأصل إبطال للفرع، فلا يجوز - إذن - أن يكون الوصف المعلل به مبطلاً لحكم أصله أو جزء منه؛ لأن إبطال الشيء نفسه محال.
مثال ذلك: أنه لما ورد قوله - صلى الله عليه وسلم -: " في كل أربعين شاة شاة "، علل بعض الحنفية وجوب الشاة في الزكاة بدفع حاجة الفقراء، ولذلك جوزوا إخراج قيمتها.
وهذا التعليل - وهو: دفع الحاجة - يرفع وجوب الشاة بعينها مع أن الحديث صريح في وجوبها؛ لأن حاجة الفقير تندفع بقيمة الشاة أيضاً، فتعليل هذا بهذه العلة - وهي: دفع الحاجة - نقل وجوب الشاة بعينها إلى تخيير المزكي بين إخراج شاة بعينها وبين قيمتها، وهذا التعليل قد عاد على أصله بالإبطال، وهو لا يجوز.