إذا بلغ الناسخ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يبلغ بعض الأمة، فإنه لا يكون نسخا في حق من لم يبلغه، فيجب على من لم يبلغه الناسخ العمل بالمنسوخ، ولا يلزمه العمل بالناسخ؛ لأمرين:
أولهما: أن أهل قباء لما جاءهم المخبر وقال لهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة واعتدوا بما مضى من صلاة الصبح فلم يقضوها ولم يؤمروا بذلك، فدل على أن النسخ لم يكن ثبت في حقهم.
ثانيهما: أن المكلف لو فعل العبادة التي ورد بها الناسخ على وجهها قبل بلوغه بالناسخ. لكان آثماً عاصياً غير خارج به عن العهدة، كما لو صلى إلى الكعبة قبل بلوغ النسخ إليه، ولو كان مخاطباً بذلك لخرج به عن العهدة، ولما كان عاصياً بفعل ما خوطب به.