ولأن المجتهدين إنما كان قولهم حجة؛ لأنه مستند إلى دليل؛ حيث لا يجوز إثبات الأحكام بلا دليل، والعامي ليس أهلاً للاستدلال والنظر في الأدلة، فلا يكون قوله معتبراً لذلك.
* * *
المسألة الحادية عشرة:
العالم بأصول الفقه دون الفروع يُعتبر قوله في الإجماع، ولا يعتبر قول العالم بالفروع دون الأصول، لأن العالم بأصول الفقه قد توفر فيه آلة الاستنباط لمعرفة الحكم الشرعي لأي حادثة جديدة، وهو أقرب إلى الاجتهاد من غيره فيها؛ نظراً لعلمه بمدارك الأحكام على اختلاف أقسامها، وكيفية دلالتها، وعلمه الشامل الدقيق بالأدلة المتفق عليها والمختلف فيها، وعلمه بمقاصد الشريعة، فمن هذه صفته فإنه يستضاء برأيه، ويستشهد بهديه، ولا يمكن أن يُستغنى عنه.
وعليه: فإنه لا يشترط فيمن ينعقد به الإجماع حفظ الفروع.
ولأن الفقيه الحافظ للفروع دون معرفته للأصول يحتمل أن يفوته حفظ الجزئيات الدقيقة لمسائل الحيض، أو دقائق مسائل الوصايا، أو النفقات، أو الطلاق، أو الحدود، أو نحو ذلك، أما الأصولي فلا يحتمل فيه ذلك؛ لأنه قد فهم القواعد الأصولية التي تندرج تلك الفروع تحتها.