فمشاقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي: منازعته، ومخالفة ما جاء به عن ربه، والمراد من سبيل المؤمنين: ما اختاروه لأنفسهم من قول أو فعل أو اعتقاد، وقد توعَّد الله تعالى بالعقاب على متابعة غير سبيل المؤمنين، وهذا يدل على وجوب متابعة سبيل المؤمنين، وتحريم مخالفتهم؛ فلو لم تكن مخالفتهم حراماً لما توعَّد عليه، ولما حسن الجمع بينه وبين المحرم، وهو: مشاقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الوعيد، كما لا يحسن التوعد على الجمع بين الكفر وأكل الخبز المباح، وبذلك يكون سبيل المؤمنين حجة يجب اتباعه، والعمل بمقتضاه.
ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: " إن أمتي لا تجتمع على ضلالة " وقوله: " إن يد الله على الجماعة "، وقوله:" من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " وغيرها، فإن كل واحد من هذه الأحاديث وما في معناها خبر واحد يجوز تطرق الخطأ إليه إلا أنه حصل لنا بمجموعها علم ضروري بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عظم شأن هذه الأمة، وأخبر أنها معصومة عن الخطأ، كما علمنا بالضرورة شجاعة علي وسخاء حاتم، وإذا عصمت الأمة عن الخطأ فإن إجماعهم يكون حجة؛ لأنه حق.
* * *
المسألة السادسة:
لا يشترط في حجية الإجماع أن يبلغ عدد المجمعين حد التواتر؛ لأن أدلة حجية الإجماع من الكتاب والسنة وردت