للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك؛ لأن حكم الفرع قد ثبت بالعلة التي اعتبرت لحكم الأصل، فإذا نسخ حكم الأصل فقد زال اعتبار أي علة لهذا الحكم، ومتى ما زال اعتبار العلة فقد زال اعتبار الحكم الذي ثبت بها، وبذلك يكون رفع حكم الأصل مستلزماً لرفع حكم الفرع.

فمثلاً: وجبت الكفارة على المُجامع في نهار رمضان لحديث الأعرابي الذي واقع أهله في نهار رمضان، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اعتق رقبة "، وعلة تلك الكفارة: " إفساد الصوم المحترم " عند كثير من العلماء؛ لذلك قاسوا على الجماع في نهار رمضان كل من أكل أو شرب عمداً في نهار رمضان فإنه تجب عليه الكفارة؛ نظراً لوجود العلة؛ حيث إنه أفسد صوماً محترماً، فلو نسخ حديث الأعرابي - مثلاً - فلا شك أنه سينسخ معه الحكم الذي اشتمل عليه، وهو: وجوب الكفارة في الجماع في نهار رمضان، وحكم الفرع - وهو وجوب الكفارة على الأكل والشارب عمداً في نهار رمضان - سيرتفع تبعاً لذلك، لأن العلة، وهي: انتهاك حرمة رمضان قد زال اعتبارها بسبب رفع حكم الأصل الذي استنبطت منه.

* * *

المسألة الثانية والثلاثون:

مفهوم الموافقة يقع ناسخاً ومنسوخاً؛ لأن مفهوم الموافقة كالنص المنطوق به، فكما يجوز نسخ النص، والنسخ به، فكذلك يجوز نسخ المفهوم الموافق والنسخ به ولا فرق، والجامع: أن الحكم يؤخذ من اللفظ في كل منهما.

<<  <   >  >>